اليابان وتركيا تحييان ذكرى مرور ١٢٥ عاما على مأساة غرق السفينة ”ارطغرل"

بسم الله الرحمن الرحيم،،،


هنالك ثُلَّةٌ من اليابانيين ممن تعلم بقضية غرق سفينة تابعة للبحرية العثمانية قبالة ساحل شبه جزيرة كيي قبل ١٢٥ عاما، لكن الجهود بُذلت آنذاك والتي اتسمت بالإيثار من سكان محليين يابانيين في إنقاذ ورعاية طاقم السفينة قد اكتسبت سمعة طيبة ما زالت مستمرة في تركيا التي كانت مركز الإمبراطورية العثمانية في ذلك الوقت. وقد تعزز الشعور بهذه المودة من خلال ظروف مشتركة في المعاناة من الجانبين جَرّاء معاهدات جائرة فرضتها القوى الغربية.

 
السفينة ”ارطغرل“ وهي راسية في الأستانة (إسطنبول حاليا). تاريخ ووقت التصوير غير معروفين.

سمعة طيبة وليدة الكارثة

ويجدر القول إنّ الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد الثاني كان مُعجباً بشكل كبير بمسيرة التحديث السريعة التي انتهجتها اليابان في أعقاب استعادة وإصلاح فترة حكم الإمبراطور مييجي عام ١٨٦٨. فقد تقربت حكومته من اليابان على أمل بناء علاقات صداقة، وقابلت حكومة مييجي هذا المسعى بإرسال الأمير كوماتسو نو مييا أكيهيتو إلى الأستانة عام ١٨٨٧ للتأكيد على عمق المشاعر المتبادلة. وواصل العثمانيون من جانبهم ذلك من خلال إرسال الفرقاطة ارطغرل في زيارة حسن نوايا إلى اليابان في شهر يوليو/تموز ١٨٨٩.
وقد ترأس البعثة العثمانية الأدميرال علي عثمان باشا. ووصل مع طاقم السفينة المكونة من ٦٠٠ بحار ومسؤول على متن السفينة ارطغرل التي يبلغ وزنها ٢٣٤٤ طن وطولها ٧٦ متر إلى يوكوهاما في شهر يونيو/حزيران ١٨٩٠ بعد رحلة بحرية طويلة اكتنفها العديد من المشاكل لكن أثناء تواجد تلك البعثة في اليابان حظي الأدميرال بفرصة مقابلة الإمبراطور مييجي حيث قام بالتعريف عن السلطان العثماني من خلال تقديم هدايا ووسام بارز من الإمبراطورية العثمانية.


شاطئ محافظة واكاياما الصخري بالقرب من موقع غرق السفنية ارطغرل.
بعد ثلاثة أشهر من الإقامة في اليابان، كان من المقرر أن تبدأ السفينة ارطغرل الإبحار من يوكوهاما في طريق عودتها في الـ١٥ من سبتمبر/أيلول وعندما حان وقت الإبحار خسر الطاقم حينئذ عددا من أفراده نتيجة انتشار وباء الكوليرا، ولكن الأسوأ كان بانتظار البعثة التي كتب عليها الغرق. فقد واجهت السفينة إعصارا بعد يوم من انطلاقها من يوكوهاما. وتقاذفتها الرياح والأمواج طوال ليل الـ١٦ من سبتمبر/أيلول، وفي نهاية المطاف تحطمت السفينة على صخرة قبالة جزيرة كيي أووشيما في منطقة كانساي والتي تقع فيها حاليا بلدة كوشيموتو بمحافظة واكاياما.
وقد لقي ٥٨٧ بحارا ومسؤولا من بينهم الأدميرال علي عثمان باشا وكابتن السفينة مصرعهم. علماً أنَّ سكان جزيرة كيي أووشيما قاموا بتحدي الإعصار وبذلوا جهودا محمومة لإنقاذ ٦٩ فردا من طاقم السفينة. وقد وصلت أخبار أعمالهم البطولية بسرعة إلى تركيا ما أدى إلى تدفق سيل من المشاعر المحبة لليابان. ولا تزال هذه المشاعر متواصلة، مما أوحى بفكرة تصوير فيلم سينمائي ”Kainan 1890“ للحادثة من إنتاج ياباني تركي مشترك، وبحيث يتم عرضه في مسارح كلا البلدين في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام ٢٠١٥.



معاهدات جائرة

إن إرسال بعثة نوايا حسنة من قبل الإمبراطورية العثمانية إلى اليابان المتواجدة على الطرف الآخر من العالم كان منبعه شعور بالمصير المشترك. فالعثمانيون يشبهون اليابانيين في أنهم كانوا أيضا شعبا يفخر بحضارته. كما يشبهون اليابانيين في أنهم متأخرون كذلك عن نظرائهم الغربيين في التطور الصناعي والاقتصادي كما أن كلا الشعبين عانيَا من الإهانة جراء معاهدات جائرة فرضت عليهما من قبل القوى الغربية.
كما كان هناك كارثة بحرية أخرى وقعت قبالةَ سواحل شبه جزيرة كيي قبل ٤ سنوات من غرق ارطغرل حيث سلطت الضوء على تصورات اليابانيين للتمييز من قبل الغرب. فخلال هذه الكارثة، غرقت سفينة الشحن البريطانية ”نورمانتون“ في عاصفة أثناء إبحارها من يوكوهاما إلى كوبي في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام ١٨٨٦.
وكان على متن نورمانتون ٢٥ مسافرا و٣٨ فردا من طاقم السفينة التي يبلغ وزنها ٢٤٠ طن. وقد تمكن قبطان السفينة البريطاني و٢٥ فردا من طاقم السفينة الأوروبيين – إنجليز وألمان – من ركوب قوارب النجاة والوصول إلى بر السلامة. وعلى النقيض، فقد قضى الركاب الـ٢٥ وجميعهم من اليابانيين و١٢ فردا من طاقم السفينة الآسيويين – هنود وصينيين – ولقوا حتفهم غرقا في البحر.

وصعق قادة حكومة مييجي في اليابان من المصيرين المتناقضين للأوروبيين والآسيويين الذين كانوا على متن السفينة نورمانتون. ولكن المعاهدات الجائرة التي سبق إبرامها مع القوى الغربية كانت تحرمهم من حق مقاضاة قبطان السفينة وطاقمها. ثم عقد البريطانيون جلسة استماع في قنصليتهم بكوبي تحت إصرار اليابانيين. وكانت النتيجة بعد ٦ أشهر من الواقعة أن تلقى قبطان السفينة عقوبة بسيطة بينما تمت تبرئة أفراد الطاقم الأوروبيين بشكل كامل.
وأحدثت نتائج جلسات الاستماع حالة من الغضب في المجتمع الياباني. وطالب الناس حكومتهم بإلغاء بنود المعاهدة التي تنقل السلطات القضائية إلى قنصليات الدول الغربية. وقد كانت ردود الفعل الشعبي صاخبة جدا مما شكّل مشاعر إحباط وخيبة كبيرة لدى حكومة مييجي. وفي نهاية المطاف، توصلت بريطانيا إلى إبرام معاهدة مع اليابان في عام ١٨٩٤ تقر بموجبها بسلطة المحاكم اليابانية في مقاضاة البريطانيين وبعد ذلك حذت القوى الغربية حذو السلطات البريطانية في هذا الصدد.


اليسار: الأدميرال علي عثمان باشا، اليمين: أفراد طاقم سفينة ارطغرل (كلتا الصورتين محدثتان ومأخوذتان في موقع غير محدد).

جهود مخلصة لإنقاذ حياة الناجين

حث مسؤولو البحرية اليابانية قبطان سفينة ارطغرل على إرجاء موعد مغادرة السفينة نظرا لأن موسم الأعاصير كان قد بدأ كما أن صلاحية الإبحار كانت موضع قلق للسفينة الخشبية التي وضعت قيد الاستخدام منذ ٢٦ عاما. إضافة إلى تعرّض السفينة لسلسلة من الحوادث خلال رحلتها البحرية الطويلة في طريقها إلى اليابان حيث استلزم ذلك باستمرار إجراء تصليحات مؤقتة، وقد ناشد المسؤولون اليابانيين قبطان السفينة تمديد إقامته والتأكد من إجراء تصليحات شاملة لهيكل السفينة وأجزاء أخرى منها تحتاج إلى صيانة.
ولكن قبطان السفينة ومسؤوليها رفضوا مناشدات المسؤولين اليابانيين لأنهم كانوا يشعرون بأن تأخير مغادرتهم سينم عن ضعف في الإمبراطورية العثمانية وسيجلب لها العار، فقد كانوا ينظرون إليها على أنها حامل لواء الإسلام. وقد أبحروا وفق المخطط من يوكوهاما في الـ١٥ من سبتمبر/أيلول في رحلتها الأخيرة المشؤومة.
وبعد أن تحطمت الفرقاطة، تمكن ٦٩ فردا من طاقمها من النجاة من خلال اتباع شعاع الضوء الصادر من منارة كاشينوزاكي، التي توجد على الحافة الشرقية لجزيرة كيي أووشيما. وكانت تلك المنارة واحدة من ٢٦ مبنية في اليابان وفق تصاميم للمهندس الإسكتلندي ريتشارد برونتون. وبدأ العمل بها في يوليو/تموز من عام ١٨٧٠ كأول منارة في اليابان تبنى من الحجارة وأول منارة تستخدم إضاءة دائرية وامضة، وهي ﻻ تزال قيد الخدمة حتى اليوم الحالي.
وتمكن بعض الناجين من تسلق جرف صخري بارتفاع ٤٠ مترا للوصول إلى المنارة حيث طلبوا المساعدة. ومع وصول أخبار الكارثة، تسابق العديد من سكان الجزيرة إلى مكان الإعصار وقد أمضوا الليل وهم يجاهدون في إنقاذ البحارة والموظفين الذين كانوا يتشبثون بصخور أسفل المنارة من جانب وكذلك في انتشال الجثث من الأمواج من جانب آخر.
وكانت آنذاك جزيرة كيي أووشيما تحتوي على ٣ قرى بلغ إجمالي عدد المنازل فيها ٤٠٠ منزل. وكان الناس يعانون من شظف العيش لكنهم شاركوا مؤنهم المحدودة بكرم وسخاء مع الأتراك. ثم تولت سفنٌ يابانية وألمانية مهمة نقل الناجين إلى كوبي، كما أرسل الإمبراطور مييجي وزوجته الإمبراطورة طبيبهم الخاص و١٣ ممرضة من فريقهم الطبي الخاص إلى كوبي للمساعدة في تقديم الرعاية الصحية لهم.

غادر ناجو سفينة ارطغرل طوكيو متوجهين إلى الأستانة على متن السفينتين الحربيتين اليابانيتين هيئي وكونغو في أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول عام ١٨٩٠. ووصلوا بسلام في يناير/كانون الثاني ١٨٩١ ما أحدث سيلا من مشاعر الامتنان الشعبي تجاه اليابان.

صورة للسفينة الحربية كونغو وهي راسية في الأستانة عام ١٨٩١.





رد الجميل

وقد انتهزت الحكومة التركية الفرصة عام ١٩٨٥ لترد الجميل الذي أسدته اليابان لها قبل ٩٥ عاما. فقد كانت مجريات الحرب الإيرانية العراقية تتصاعد في ذلك الحين، ووجه الرئيس العراقي صدام حسين في الـ١٧ من مارس/آذار إنذارا مدته ٤٨ ساعة مفاده بأن جيشه سيبدأ باستهداف حتى الطائرات التجارية فوق إيران. وجراء هذا التهديد علِق عمليا أُلوف المغتربين في البلاد، بما فيهم أكثر من ٢٠٠ شخص من اليابانيين.
وقد أرسلت دول أخرى طائرات لإبعاد رعاياها عن الخطر. ولكن الحكومة اليابانية التزمت بتفسير للدستور يمنع – منذ تعديله – إرسال طائرات تابعة لقوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية من أجل مثل هذه الأغراض. كما تحفظت شركات الطيران التجارية اليابانية عن القيام برحلات طيران مستأجرة بسبب وجود مخاطر.
وبدأ اليابانيون الذين تجمعوا في مطار مهرآباد الدولي في طهران بفقدان الأمل بمغادرة البلاد. ولكن الحكومة التركية أرسلت طائرتين لنقل ٢١٥ يابانيا إلى بر الأمان استجابة لطلب من الحكومة اليابانية. ويجدر التنويه إلى أن أكثر من ٥٠٠ من المغتربين الأتراك في إيران اضطروا للإجلاء عبر الطرق البريّة. وعندما أعربت اليابان عن تقديرها للتصرف التركي في إنقاذ مواطنيها، أشار مسؤولون أتراك إلى ما يكُّنُه شعبهم من عرفان بالامتنان وَرَّد للجميل حول كارثة السفينة ارطغرل.

نصب تذكاري للسفينة ارطغرل في محافظة واكاياما.






        
موقع اليابان 

أكمل القراءة

مذكرات مسلم في بلاد الشمس المشرقة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم،،،



بدء السفر
توكلت على الله وعزمت على السفر إلى اليابان بعد إنهاء دراستي الجامعية في لايلبور ( فيصل آباد )
كنت أرسلت الجواز للتجديد في السفارة العراقية في كراجي مع زميل عراقي وقال لهم أضيفوا اليابان للجواز  فأضافوه . وبعد أشهر ذهبت لكراجي لإضافة بلدان جنوب شرق آسيا للجواز فلم يضيفوه، وبهذا قدر الله لي وسهل السفر إلى اليابان دون غيره . لأن التأشيرات كانت لا تعطى إلا إذا أضيف للجواز البلد الذي تريد زيارته.


المحطة الأولى - الهند
أخذت الاستعداد للسفر بعد تخرجي في صيف1960م وبعد عناء التحويل الخارجي ، إستطعت أن أدبر مائة جنيه إسترليني على شيك سياحي Traveler cheque وهي تعادل الآلاف من الجنيهات في وقتنا الحاضر. سافرت إلى الهند بالقطار إلى دلهي وبقيت فيها خمسة عشر يوماً. نزلت عند سيدة سويسرية في بانسيون، كل الوجبات مع السكن بثلاثة عشر روبية . حاولت أن أحصل على إضافة بلدان جنوب شرق آسيا للجواز من السفارة العراقية بدلهي لكي ازورها في الطريق ، وأرسلت السفارة برقية إلى بغداد وانتظرت فلم أتلق جوابًا، فذهبت إلى لكنو عند الشيخ أبو الحسن الندوي للانتظار شهر كامل فلم يأت جواب .
خلال بقائي في دلهي قابلت المرحوم مولانا محمد يوسف أمير جماعة التبليغ وابن مؤسس الجماعة مولانا إلياس

قابلت مولانا محمد يوسف وناقشته فيه طريقة التبليغ بالدعوة وعن ضرورة عدم صرف كلمة الجهاد إلى الخروج للدعوة فقط ويجب إعداد الأمة للجهاد الحقيقي، وأن الإسلام وإن دعا للسلم وهو يريده دائما إلا أن الأعداء إذا رأوا قوة المسلمين لا محالة سيضطهدونهم فإن لم تكونوا أعددتم أفراد الجماعة إلى الصبر والمصابرة، فإن العقد سينفرط عند أول ضربة عليكم، لأن حكومة الهند تراقبكم . كان منطقي في ذلك الوقت منطق الشباب المتحمس. وهنا شعر رحمه الله بالحرج وقال: إذهبوا أنتم أيها العرب وقوموا بالجهاد الحقيقي، ونحن ندعو لكم . فكرت أخيراً وقلت في نفسي إن ظروف وبيئة الجماعة تضفي عليها أحياناً طابعاً معيناً. إن تأسيسها من قبل المرحوم مولانا إلياس في وسط مجتمع هندوكي، فمن الطبيعي أن يتبع طريقاً يتفق مع الوضع الطبيعي للمسلمين . ألا ترى نفسية مسلمي بيروت الذين يعايشون ويساكنون المسيحيين بنسبة 50% أنها تختلف عن نفسية مسلمي طرابلس الذين يشكلون 80% . ثم إن العرب يصدرون الافكار وهم أبعد الناس عنها . أذكر مرة أننا كنا مجموعة من الشباب في بغداد في أواسط الخمسينات الميلادية تعرفنا على الحاج عبد الكريم الشافعي الملحق الصحفي لإندونيسيا ببغداد، وهو خريج دار العلوم بالقاهرة 1928م تقريبا وكان رئيسا لجمعية شبان إندونيسيا في بغداد. كنا نناقشه عن ضرورة إتخاذ إندونيسيا الدستور الإسلامي، فكان يلف ويدور بسبب مسؤوليته الحكومية . وانفجر يوماً في وجوهنا قائلاً: أيها العرب، القرآن بلسانكم ، وانتم أهل الإسلام ولكنكم لا تتخذون الإسلام دستوراً لحياتكم، فكيف تتوقعون من الإندونيسيين أن يختاروا دستوراً اسلاميًا، والكثرة الكاثرة منهم لا تعرف الإسلام الحقيقي . فسكتنا مبهوتين، وكان معه بعض الحق إن لم يكن كله .
خلال إقامتي في لكنو وهذه هي الزيارة الثانية لها ، حيث زرتها عام 1959م، ترسخت علاقتي مع الأخ محمد الحسني والأخ محمد سعيد الأعظمي ، وكتبت لهم مقالة عن الدعوة الإسلامية في إفريقيا في النشرة الدولية التي يصدرونها .
تحدثت كثيرا مع أستاذنا أبي الحسن الندوي ورأيت حياته العملية عن قرب وتهجده في جوف الليل وتقواه وبساطته . وكذلك تحدثت إلى أهل التبليغ عن الدعوة .   وخطبت في إجتماع لمسلمي لكنو وكان عددهم الثلاثين ألفاً عن السيرة النبوية الطاهرة  وكنت لابساً اللباس العربي .
يئست من الحصول على تأشيرة من حكومتي لزيارة بلدان جنوب شرق أسيا بعد انتظار أكثر من شهر ونصف، فعزمت على السفر إلى اليابان مباشرةً ، فتحركت من لكنو إلى "كلكته" ونزلت لأسبوع في المسجد الكبير الجامع في المدينة ولعل إسمه "ناخودا مسجد"  ، نزلت فيه ضيفاً على إمامه ، شيخ عربي من المدينة المنورة  "عمر كمال مدني" آكل شارب ثلاث وجبات يومياً، وكان يتردد عليه رجل سعودي  متزوج من إمرأة بنغالية . مكثت في كلكته أسبوعاً واحداً إستعداداً للسفر. كلكته مدينة واسعة نفوسها مع الضواحي سبعة ملايين، رأيت فيها أفواجاً من الاجئين البنغاليين المنهزمين من تعسف بني دينهم وجنسهم في محافظات أسام قابلت الطلبة المسلمين وهم أول نواة لجمعية الطلبة المسلمين في الهند MSA . حجزت على باخرة شركةB.I . BRITISH NAVIGATION  المتوجهة إلى طوكيو، حجزت في درجة متوسطة Bunked class ، ودفعت أربعين باوند . وكان قد نصحني الأخ السعودي أن أحجز بهذه الدرجة وليس الدرجة الثانية وثمنها ثمانون باوند لاستفيد من الأربعين جنيهاً إسترلينياً الأخرى لشراء حاجات من هونك كونغ وأستفيد منها في اليابان. اشتريت صندوقاً لعفشي مع فراش بدل كيس السياح الذي أحمله على ظهري، وذهبت للميناء بصحبة الأخ السعودي، وكنت ذلك النهار مصاب بأنفلونزا حادة وصداع قوي لم أعهد مثله من قبل ولعل السفر كان 2/10/1960م .

الانطلاق من الهند
أقلعت الباخرة و تعرفت فيها على مساعد الطبيب المستر فريزرFrezer  وهو بنغالي مسيحي من باكستان الشرقية، الذي إعتنى بي خلال السفرة كلها، وتطورت العلاقة معه وتعمقت أثناء السفر وبعده لسنين . ركب معي في الباخرة شاب ياباني إسمه "جورج فوريا" Furuya وهو مسيحي جاء للبنغال في الهند للدراسة بدعوة من النصارى، ولكنه لم يستطع أن يستمر بعد ستة أشهر، وصاحبته أثناء الرحلة . وهذه الدرجة المتوسطة عبارة عن عنابر في قعر الباخرة وتحت "الديك" أي سطح الباخرة ، وهي أحسن منه لأن الديك هو سطح الباخرة المكشوف للشمس والمطر .

التوقف في رانغون – برما ( ماينمار )
وبعد ثلاثة أيام وصلنا رانغون عاصمة برما، وحاولت أن أنزل لأزور المدينة إلا أنهم منعونا لأنهم قالوا إن ركاب الديك والدرجة الوسطى لا يحق لهم ذلك لعدم حصولهم على تأشيرة، ولو كنت في الدرجة الأولى أو الثانية لسمحوا لي. بقيت ثلاثة أيام في رانغون داخل الباخرة في الميناء، وكنت في الحقيقة أريد أن أتعرف على أحوال المسلمين في برما، خصوصاً وأني تعرفت على شخص من أهالي رانغون في كلكته سافر قبلي و واعدته أن ألقاه هنا بعد أن رجع من أداء الحج لذلك العام. وتكرر ذلك في ميناء بينانغ وسنغافورة، لذا سميت هذه الدرجة المتوسطة درجة الحيوانات، وآليت على نفسي إن شاء الله ألا أركبها بعد. وقد وفقني الله بعد أن أنهيت دراستي في اليابان وعدت من طوكيو إلى العراق كانت معي ثلاث تذاكر طائرة – طوكيو بغداد، استعملت نصفها للعودة عن طريق أمريكا وأروبا والنصف الآخر في السفرة للعالم الإسلامي من أجل فلسطين عام 1967م بعد إحتلال بيت المقدس. تحركت الباخرة من ميناء رانغون الواقع على دلتا نهر "إيراوادي"، وتذكرت طفولتي في الخامس إبتدائي ونحن نقرأ جغرافية العالم وأنهار آسيا، فقد مر عليّ هذا الاسم. مما لفت نظري وأنا في مصب النهر في البحر أن عددًا  هائلاً من الزوارق الصغيرة تتحرك في البحر وعليها صيادون مسلمون يؤدون الصلاة جالسين في الزوارق.


التوقف في بينانغ - ملايزيا
بعد سفر يوم وليلة على ما أظن وصلنا ميناء بينانغ Penang بماليزيا. وهنا أيضا منعونا من النزول، ولكنني رجوت الرجل المسؤول ببوابة الباخرة، وهو ماليزي مسلم من أصل هندي، وقلت له إني أخوك، ولي معارف في هذه المدينة، فاسمح لي بالنزول . وفعلا تركني أنزل. وأجرت " ركشا " يسحبها صيني . والمدينة طابعها صيني، وإن أكثر سكانها مسلمون. فتشت عن السيد "إبراهيم سا" وهو مسلم أصله من جنوب الهند وكنت أراسله من قبل، فوجدت محلهم (محل عمه)، وقالوا إنه سافر إلى لندن لدراسة الحقوق. وقد وجدت أقرباءه من الشباب ولهم جمعية الشبان المسلمين هناك، وهي لأبناء جنوب الهند، فأخذوني في سيارة لهم ودرنا المدينة، وهي جميلة، وتعشينا في مطعم، وأخذوا لي فواكه، وأوصلوني إلى الباخرة في الليل، حيث أنهم يعملون مفرغي بضائع، ولهم بواخر صغيرة تعمل في الميناء. (الأخ إبراهيم لا يزال في لندن وأتواصل معه بين الحين والآخر وهو يعمل في المؤسسات الخيرية 19 / 11 / 2014)



د/صالح السامرائي 
رئيس المركز الإسلامي في اليابان 

أكمل القراءة

افتتاح مصلى في محافظة هيوغو

بسم الله الرحمن الرحيم ،،،،،،

افتُتح مؤخراً مصلى للمسلمين في مدرسة أماجاساكي لتعليم القيادة في محافظة هيوغو








أكمل القراءة

مشاهد من زيارة الدكتور ذاكر نايك إلى اليابان

بسم الله الرحمن الرحيم ،،،،






برامج الدكتور ذاكر نايك في اليابان (3-8 -نوفمبر 2015):


• 3 نوفمبر  - "ما هو الإسلام؟"، فريق Hakozaki الحرم الجامعي، جامعة كيوشو،فوكوكا.


• 4 نوفمبر - "هل الإسلام هو الحل لمشاكل البشرية"، مركز المؤتمر الدولي، 1-5 ناكاجيما-تشو، ناكا-كو، هيروشيما.


• 5 نوفمبر  - "المفاهيم الخاطئة عن الإسلام"، جامعة دوشيشا في كيوتو.


6نوفمبر 15:00 - ورشة عمل الدعوة مع ممثلي المساجد والمنظمات الإسلامية.


 7 نوفمبر 18:30 - "هل الله موجود؟"، تيارا كوتو، وقاعة كبيرة، كوتو-كو، طوكيو.


• 8 نوفمبر 00:30 - "محمد والرحمة للبشرية ، يايوي قاعة جامعة طوكيو.



،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

في المطار



لقطات من محاضرة فوكوكا 




،،،،،،،،،،

محاضرة هيروشيما 


،،،،،،،،

محاضرة كيوتو 



،،،،،،،،،،،،

لقاء مع ممثلي المنظمات الإسلامية 



،،،،،،،،،،،،

محاضرة جامعة طوكيو 





عدد الذين أعلنوا اسلامهم (9) يابانيات 

نسأل الله أن يثبتهم 
أكمل القراءة

صعيدي في اليابان ...! (2)

بسم الله الرحمن الرحيم،،،،


الشيخ علي أحمد الجرجاوي المصري من أوائل العرب الذين جاءوا  إلى اليابان وقد تخرج من الأزهر ، ومحامي شرعي ، ورئيس جمعية خريجي الأزهر ، صاحب جريدة الإرشاد في القاهرة عام 1906محيث أصدر منها 28 عدداً ثم أوقفها حينما قرر السفر إلى اليابان .
كان زاهداً كريماً وهو من مواليد قرية (أم القرعان) قُرب مدينة جرجا بصعيد مصر وقد توفي عام 1961م في داره المجاورة للأزهر .

ويُذكر أن الجرجاوي علِم بالمؤتمر الذي سيعقده اليابانيون للأديان وذلك لاختيار الدين الذي يرونه حقاً ، فطلب من الأزهر أن يبعث وفداً لهذا المؤتمر فلم يستجب ، فقرر الذهاب بنفسه على حسابه الخاص ، وذُكر أيضا أنه أسس جمعية للدعوة في اليابان مع بعض المسلمين ، وقد ألف كتاباً أسماه (الرحلة اليابانية) ملخصه :
(وضعت هذا السِفر عن رحلتي إلى اليابان وأودعته أخبار تلك الأمة الراقية مما تُغني مطالعته عن النديم والسمير وحسبي شرفاً أنها رحلة أول مصري وطأت قدمه تلك الأرض من قديم الزمان إلى الآن . وأهدي هذا الكتاب إلى شباب مصر ليعلموا أن أمة وهي اليابان عمر نهضتها ثلاثون عاماً تنظر لها الأمم الأخرى نظرة الإجلال حتى إذا قرءوا الرحلة بعثت فيهم النشاط ، وما تحمّلت وعثاء السفر إلا لأجل نفع بلادي وخدمة ديني وجامعتي)

وقد ذكر في بداية الكتاب:
(قرأت في الصحف المحلية عن انعقاد مؤتمر ديني في اليابان ، وتوجهت البعثات الدينية من المسيلمين وغيرهم لحضور المؤتمر حيث تنحصر أعماله في البحث في أصول كل دين وكنت أحث علماء مصر لحضور على حضور المؤتمر حيث أن مسلمي مصر أولى بهذه الفضيلة لوجود الأزهر بينهم ، ولكن لم يستجب أحد، وبدأت البحث عمن يرافقني من إخواني المسلمين في الرحلة إلى اليابان للدعوة إلى الله ، فاستجاب الشيخ أحمد موسى المنوفي المصري ،إمام المسجد الكبير بكلكتا (الهند) ، وكذلك رجل من علماء تونس (لم يرد ذكر اسمه).
ولم يكن قصدي هو فقط مشاركة الآخرين في نشر تعاليم الإسلام بل أيضا استطلاع أحوال اليابان وما وصلت إليه من تقدُّم..)


د/صالح السامرائي
رئيس المركز الإسلامي في اليابان
أكمل القراءة