بسم الله الرحمن الرحيم،،،،
لا شك أن اليابان غنية عن التعريف تماماً فهي دولة رغم صغرها وحداثة نهضتها تحظى بشعبية كبيرة تتخطى كبير الدول والأسباب في الواقع كثيرة فمنها أنها نهضت من أنقاض الحرب العالمية تتلفظ أنفاسها الأخيرة ومع ذلك نراها اليوم بشعبها آية على الإصرار والمثابرة والنجاح ونجدها في أعلى هرم التكنولوجيا والعلوم والصناعة لدرجة أن هناك علوماً عليك أن تتقن اليابانية لتتمكن من تعلمها ومتابعة آخر ما توصلت له الأبحاث المتعلقة بها، من جانب آخر نجدها حضارة تحافظ بشكل كبير على تراثها وعاداتها وتقاليدها المدهشة في الواقع وهذا ينم عن عمق تلك الحضارة وإتصالها الوثيق بأبنائها.
بجانب ما سبق، تحظى اليابان أيضاً بسمعة غريبة ويعتبرها الكثيرون عالم مختلف تماماً عن عالمنا لذلك يطلق عليها في بعض السياقات الفكاهية “كوكب اليابان الشقيق”، ربما تكون هذه السمعة غير منصفة تماماً أو فيها من المبالغة ما فيها ولكن ما لا يمكن إنكاره هو أن العادات والممارسات اليابانية تعد أمراً محيراً ومثيراً للدهشة بالنسبة للكثير منا واليوم سنختبر صحة هذا الأمر بسرد بعض العادات والممارسات التي عثر عليها المستكشفون في كوكب اليابان الشقيق لنرى مدى دهشتكم وانبهاركم بها.
غُرف العقاب
كما تعلمون اغلب الدول المتقدمة والتي تحترم إنسانية شعوبها تضع قوانين عمل صارمة للحفاظ على حقوق العمال والموظفين ومنع الشركات الكبرى من استغلالهم او طردهم وفصلهم عن العمل دون مبرر واليابان ليست استثناء في هذه الحالة ولكن ما يميزها هو ما لجأت إليه الشركات الكبرى لمواجهة هذه المشكلة، إذ أنهم لا يمكنهم ببساطة فصل موظف لا يرغبون به لأنه سيكلفهم طائلة كتعويض كما تنص قوانين الدولة، والحل الذي لجأت إليه العديد من الشركات على شاكلة توشيبا وسوني وباناسونيك هو غرف العقاب او التأديب.
المقصود بغرف العقاب هو إرسال الموظفين الغير مرغوب فيهم لأداء مهام لا هدف او فائدة منها ومملة جداً لتشعرهم بالضجر والإحباط، أحد أشهر الأمثلة على تلك المهام هو أن تطلب منهم الشركة ان يحدقوا في شاشة تلفاز خالية لمدة عشر ساعات في اليوم!. وتأمل الشركات التي تنتهج هذا الأسلوب أن يصاب الموظف بالممل والإحباط من القيام بهذه الأعمال المهينة ليقدموا استقالتهم في النهاية لأن الإستقالة الطوعية تعني أنهم غير ملزمين بدفع أي أموال أو فوائد للموظف بعد رحيلة وهو ما يوفر لهم بعض المال!.
لا يوجد حاجب في المدارس
الأطفال في مدارس الغرب وفي بلادنا العربية اعتادوا على رؤية حاجب يقوم بعمليات التنظيف والصيانة وهي وظيفة أساسية وهامة بسبب الفوضى التي يتركها الأطفال خلفهم، ولكن كما توقعتم هذا ليس الحال في اليابان.
في اليابان بدلاً من أن تقوم المدارس بتعيين اشخاص خصيصاً من أجل تنظيف الفوضى التي يتركها الأطفال فإنها تقوم بتعليم الأطفال التنظيف بأنفسهم، هناك أوقات محددة يتم تخصيصها من أجل أن يعمل الأطفال سوياً لتنظيف الفصول الدراسية والممرات وتلميع الحمامات ويمتد هذا الحدث الرائع لاستراحة الغذاء ايضاً فلا يوجد كافيتيريا أو مكان محدد لتناول الطعام وانما يتناول الأطفال وجبة الغذاء في فصولهم مع مدرسيهم ويقدمون الطعام لأنفسهم بأنفسهم كما أنهم يقومون بالتنظيف بعد الإنتهاء.
لعلكم لاحظتم كيف أن مثل هذه الممارسات الرائعة يمكن أن تزرع الإحساس بالمسؤولية والإعتماد على النفس لدى الأطفال منذ صغرهم كما أنها تقوي روح التعاون والعمل الجماعي وتنزع منهم أي أثر للأنانية أو الأنا وتغرس فيهم حب الغير وإحترام جميع الأدوار في المجتمع وبالرغم من أن هذه الممارسات والعادات تعد طبيعية جداً في اليابان فقد تراها المجتمعات الأخرى ممارسات فضائية ليس لنا أي علاقة بها.
النوم أثناء العمل
بالطبع في أغلب الدول اذا تم الإمساك بك وأنت تستمتع بغفوة في وقت العمل فهذا يعني أنك في مشكلة كبيرة، لا يوجد مدير أو صاحب عمل سيسره ان يمر عليك في مكتبك ليجدك نائماً بينما يدفع لك لكي تعمل، ولكن في الجهة الاخرى من الكون حيث يقع ذلك الكوكب الذي نتحدث عنه اليوم يعد هذا الأمر طبيعي ومقبول تماماً ويطلق عليه اسم inemuri.
وفقاً لهذه العادة إذا كنت تنام في العمل فهذا يعني أنك كنت تعمل بجد وإخلاص ولهذا السبب لم تكن تحصل على وقت كاف لتنام في المنزل وهذا يقود أرباب العمل والمدراء إلى الإعتقاد بأن الموظفين مرهقين ومتعبين لأنهم مخلصين في عملهم لأبعد الحدود. هذا الأمر له دلالات ضمنية إيجابية لدرجة أن هناك موظفين يتظاهرون بالنوم في وقت العمل ليحصلوا على تلك الإشادة. ومن الجدير بالذكر أن أغلب الدراسات الحديثة تؤكد ان القيلولة لفترة قصيرة اثناء العمل في الواقع تؤدي لنتائج افضل وتزيد من نشاط وقدرة الموظفين على الإنتاج والعمل.
تبني البالغين
التبني من من الممارسات الإجتماعية الرائعة والتي لها فوائد لا يمكن حصرها للصغار الذين فقدوا ذويهم لأي سبب من الأسباب، وبينما تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة من حيث معدل حالات التبني نجد ان اليابان تنفرد بنوع مختلف تماماً من التبني وهو تبني البالغين!.
98% من حالات التبني في اليابان تتضمن بالغين بين عمر العشرين والثلاثين وأغلب هذه النسبة من نصيب الذكور، إذا كان هناك رجلاً ما يمتلك عملاً مزدهراً وليس لديه ولد ليحمل اسم العائلة ويحافظ على العمل يمكنه ان يبحث عن وريث مناسب ثم يتبناه ليحمل اسمه ويمكن أن يتكرر الأمر في حالة ما اذا كان للاب إبناً ولكنه لا يرى انه مناسب لاكمال مسيرته، يعرف هذا العرف باسم mukoyoshi وقد مارستة شركات كبيرة مثل تويوتا وسوزوكي وكانون.
وقد سمحت مثل هذه العادات لعمل وتجارة العائل بأن تستمر وتزدهر لفترات أطول بكثير من الطبيعي وأحد الأمثلة الشهيرة على ذلك هو فندق زينجورو هوشي والذي يحمل لقب غينيس كأقدم عمل عائلي مستمر في العالم بعمر تجاوز 1300 عام أي 46 جيلاً متتالياً!.
البقشيش أو الإكرامية
البقشيش من الممارسات والعادات المنتشرة في مناطق مختلفة من العالم وهو أمر قد يختلف من شخص لآخر وقضية مثيرة للجدل والخلاف خاصة من حيث من الذي يستحق الإكرامية ومقدار المال الذي يجب دفعه له، وهناك مناطق مثل أوروبا قليلة جدا فيها المواقف التي يكون من المناسب فيها أن تدفع لأحدهم اكرامية.
ولكن في اليابان فلا وجود للإكرامية على الإطلاق، سائقي سيارات الأجرة، عمال الفنادق او المطاعم وغيرهم في اليابان لا يقبلون أن يحصلوا على إكرامية أبداً، بل قد يعتبر العديد منهم محاولتك لدفع مبلغ اضافي اليهم كتصرف مهين ووقح. معظم الشركات والهيئات الخدمية في اليابان لا تتوقع الحصول على مبالغ اضافية لقاء الخدمة الجيدة لأنهم يعتقدون أن هذا يجب أن يكون جزءاً من المبلغ الأساسي الذي تقوم بدفعه.
جراحة الأسنان التجميلية
أغلب ثقافات وشعوب العالم تنظر لعدم استقامة الأسنان كعيب يجب علاجة لذلك نجد أن ذوي الاطفال في معظم الدول يحثونهم على تركيب تقويم للأسنان لجعلها مستقيمة ومثالية، ولكن ظهرت منذة عدة سنوات في تلك البقعة الأسيوية التي تعرف باليابان صيحة غريبة بعض الشئ، إذ بدأت النساء والفتيات في اجراء عمليات جراحية لفعل العكس تماماً.. جعل الأسنان غير منتظمة ومبعثرة!.
تتضمن هذه العملية تعديل الأنياب بحيث تصبح ناتئة وبارزة للخارج وهو أمر قد يحدث طبيعياً عندما تضغط الضروس على الأسنان فتصبح اللثة مزدحمة وتبرز الأنياب للخارج. بدأت هذه الصيحة بين الشباب وعززها دعم بعض المشاهير اليابانين لها.
الفندق الكبسولة
في بعض الأحيان أثناء السفر والترحال قد نحتاج لمكان لقضاء الليل والنوم ولكننا في نفس الوقت لا نرغب في الخدمات الإضافية والتسهيلات التي تقدمها الفنادق خاصة أنك ستدفع ثمنها حتى إن لم تستخدمها وهذا يعد إهداراً للمال بالنسبة للكثير من الأشخاص. في اليابان يمكننا أن نجد الحل المثال لمثل هذا المأزق، الفندق الكبسولة وهو ببساطة عبارة عن غرف صغيرة تتسع لسرير وتلفاز ومزودة بشبكة انترنت لاسلكي وتكلف الليلة الواحدة في هذا الفندق الذكي من 15 الى 30 دولاراً. يتكون الفندق من طابقين فقط كل طابق عبارة عن غرف متراصة بجانب بعضها البعض كما أنه يحتوي على آلات بيع الطعام والوجبات الخفيفة واماكن مشتركة للإغتسال من اجل توفير المساحة ويتكون في الفندق في الغالب من 70 غرفة ويستغل مساحة صغيرة جداً وبعض هذه الفنادق تخصص طوابق للنساء وأخرى للرجال.
منقول من عالم الإبداع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق