مذكرات مسلم في بلاد الشمس المشرقة (1)

بسم الله الرحمن الرحيم،،،




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.

طالما راودتني فكرة الكتابة عن مذكرات بخصوص الدعوة الإسلامية في اليابان ، وقد قرأت عن أحمد الجرجاوي المصري الذي زار اليابان في مبتدأ عام 1907 م والذي كتب كتابة مختصرة، فكنت أقول لو كتب بالتفصيل . كذلك ما كتبه عبد الرشيد إبراهيم الذي زار اليابان في تشرين الثاني (أكتوبر) ( 20 منه ) لعام 1909 م وما سجله في كتابه (عالم إسلام) كل هذا دفعني للكتابة.

أدركت وجود اليابان عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي بدرس الجغرافية، والشعب العربي كان دائمًا مثله الأعلى اليابان . وأنا في المرحلة الثانوية كنت اسمع أن الحكومة اليابانية إبتعثت إلى أوروبا بعثات، فلما عادوا من هناك لم يتعلموا إلا الرقص والعادات الغربية، فصف هؤلاء أمام جمهور الطلبة اليابانيين وتقرر إعدامهم، وقيل للطلبة اليابانيين سيكون هذا مصيركم إن لم تتعلموا الصناعات والتكنولوجيا من أوروبا . فبعثت مجموعة لأوروبا وتعلمت بجد وكانت سببا في نهضة اليابان ، إلا أني من تتبعي لم أجد أصلًا للحكاية. وكذلك كنا نسمع عن الميكادو وعن الفدائيين اليابانيين ونتعجب من صنعهم وعن الصناعة اليابانية .


لماذا ذهبت إلى اليابان

سافرت من بغداد إلى باكستان عام 1958م للدراسة في كلية الزراعة بجامعة البنجاب في لايلبور( فيصل آباد حالياً ) . وحينما وصلت لاهور أخبرني الأخ محمد عاصم الحداد معتمد دار العروبة للدعوة الإسلامية  ومترجم كتب السيد أبو الأعلى المودودي ، أخبرني عن وجود الأستاذ أبو الحسن الندوي بلاهور قادما من الهند، فزرته ورحب بي وقال: إني مدعو عند أخ عزيز أستطيع أن أصطحبك معي بدون أخذ إذنه، فذهبت معه، وكان هذا الأخ هو حافظ القرآن السيد عبد الرشيد أرشد مهندس التليفونات، ولقيت معه داعيا صديقاً له هو السيد عبد الحميد أحد أركان جماعة التبليغ. والسيد أرشد هو من جماعة التبليغ. وأخبرني الأخ أرشد أن لديه برنامج لزيارة لايلبور في مهمة رسمية فأخذني معه بسيارة "البيك أب" وتوطدت الصحبة والألفة والأخوة بيننا . ولم يلبث الأخ أرشد لأسابيع إلا وذهب في مهمة تدريبية فنية إلى اليابان، وكان يراسلني من هناك عن إقبال اليابانيين على الإسلام، كان و ينشر في مجلة " المسلمون " التي كانت تصدر في جنيف مقالات بترجمة الأستاذ الندوي وفيها معلومات عن الدعوة في اليابان. وبعد تسعة أشهر عاد من هناك ومعه مجموعة من الشبان اليابانيين لعلهم في حدود. كان أهل التبليغ يدورون بهم في مدن باكستان كمثال على انتشار الدعوة الإسلامية في اليابان. وكان زعيمهم رجل إسمه عبد الحليم شيما أوكا SHIMAOKA . وكان أهل التبليغ في إجتماعهم السنوي في نوفمبر 1959م في "رايوند" قرب لاهور يحثون الناس على السفر إلى اليابان ، وكان المرحوم عبد الرشيد يحثني على الذهاب إلى اليابان للدعوة ويقول : إن اليابان مثل البستان المليء بالفواكه، ما عليك إلا أن تقطف فواكهه وتملأ وعائك، وإن من اليابانيين إذا أسلموا من هم أشبه بالصحابة .
بالنسبة لي كان أقصى حلمي أن أصل إندونيسيا، وبتشجيع من عبد الرشيد أرشد بدأ أملي يمتد إلى اليابان، فأقول له: من أين لي الفلوس ومصاريف السفر ؟ فيجيبني " من الله "  وكنت أقول في نفسي، الله لا ينزل في زنبيل. ولكنني عندما عزمت على السفر فتح الله لي أبواب رزقه ورحمته.

وكنت حصلت على قبول في جامعة جنيف للدكتوراه بواسطة الدكتور سعيد رمضان لدراسة الاقتصاد الزراعي، وقالت الجامعة نفصل لك برنامج الدكتوراه، في ثلاث سنين. فقررت السفر إلى اليابان ومن هناك أذهب إلى الصين وآسيا الوسطى (بخارى وسمرقند) في عز الشيوعية، وكنت أقول لأصدقائي في الرسائل ، إني سأخبركم عن كل بلد أزوره، فإذا انقطعت أخباري فتشوا عني معتقلًا في أحد الأماكن أو ميت.


الإستاذ الدكتور صالح مهدي السامرائي
رئيس المركز الإسلامي في اليابان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق